تلقَّى تعليمه الأوَّلي في كُتَّاب السيدة زينب، والابتدائيّ في مدرسة والدة عباس، ثم حصل على الكفاءة من المدرسة الإلهامية الثانوية، والبكالوريا من المدرسة الخديوية. والتحق بعد ذلك بمدرسة الحقوق السلطانية العليا بجامعة فؤاد الأول، وتخرج فيها عام 1935، فعمل في المحاماة في الإسكندرية، ثم بالنيابة السنة في منفلوط بالصعيد الأوسط. وأثناء ذلك تعرَّف على الريف المصري، وكتب عنه قصصًا منها: “خلّيها على الله” في مجموعة أم العواجيز. وكانت إقامته في الريف والأحياء الشعبية في القاهرة أحد الأسباب التي جعلته قريبًا من الحياة الشعبية البسيطة، فصوّرها ببراعة.
انخرط الأستاذ يحيى حقّي، منذ عشرينات القرن الماضي، في السلك الدبلوماسي فأصبح أمينًا للمحفوظات بالقنصلية المصرية في جدة، ثم انتقل إلى إسطنبول ثم إلى روما. وبعد عودته إلى مصر تولَّى مناصب إدارية مهمَّة في وزارة الخارجية، ثم عاد إلى العمل الدبلوماسي فعُيِّن سكرتيرًا أول في السفارة المصرية في باريس، فمستشارًا في السفارة المصرية في أنقرة، فوزيرًا مفوّضًا في ليبيا. مكَّنه عمله في السلك الدبلوماسي من إجادة اللغتين التركية والإيطالية، كما أتاح له فرصة التنقل بين مدارس الفن والثقافة المختلفة. ترك حقي العمل الدبلوماسي واستقر في مصر عام 1955، وعُيِّن مديرًا لمصلحة الجمارك بوزارة التجارة، فمديرًا لمصلحة الفنون، فمستشارًا لدار الكتب. رأس تحرير مجلة المجلة لعدة أعوام.
يعتبر الأستاذ يحيى حقي من أعظم روَّاد كتابة القصة، ومن أعلام القصة القصيرة المعاصرين. نشر أول إنتاجه القصصي في مجلة الفجر عام 1926. ومن أشهر أعماله: “قنديل أم هاشم”، “صح النوم”، و”دماء وطين”. ومن أشهر محتويات هذه المجموعة: “البوسطجي”، “عنتر وجولييت”، “خلِّيها على الله”، و”أم العواجيز”. واكبت قصصه تحوُّلات المجتمع وتغيُّر الاتجاهات والمذاهب الأدبية، فتنوَّعت تجاربها وتعدَّدت صورها وأشكالها، وخلال تلك التحوُّلات ما فتئ يرى أن الفن لا قيمة له إن لم يكن إيمانًا وتواصلًا يدفعان الحياة ويصنعان الجمال والأمل، كما ظلَّ طيلة حياته حريصًا على أسلوبه الأدبي الرفيع الذي يجمع بين رصانة التراث ويُسر اللغة العصرية، مع قدر كبير من الشاعرية ودقة التصوير. أنتجت السينما المصرية أربعة من أعماله المميَّزة هي: “قنديل أم هاشم”، “البوسطجي”، “إفلاس خاطبة”، و”امرأة ورجل”.
اختير عضوًا في العديد من المجالس القومية في بلاده، ونال جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1969، وهي أكبر الجوائز التي تقدّمها الحكومة المصرية للعلماء والمفكرين والأدباء المصريين، كما حصل على وسام الفارس من الطبقة الأولى من الحكومة الفرنسية عام 1983، والدكتوراة الفخرية من جامعة المنيا في العام نفسه.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.
توفي الأستاذ يحيى حقّي في القاهرة بتاريخ 1992/12/9.