قام الأزهر الشريف بدور كبير في خدمة الإسلام والمسلمين منذ أكثر من ألف عام. فقد بُني الجامع الأزهر عام 971، بأمر من الخليفة المعز لدين الله الفاطمي وإشراف القائد جوهر الصقلي، وأصبح بعد فترة وجيزة موئلًا لطلاب العلم من أرجاء العالم الإسلامي. وقام، عبر القرون، بدور رائد في التعليم الإسلامي والدعوة إلى الدين الحنيف والمحافظة على التراث واللغة، ومقاومة محاولات التغريب.
جامع الأزهر هو أهمّ المساجد في مصر، وواحد من أقدم الجامعات في العالم. وقد كان عند إنشائه يتألف من قسمين: فناء فسيح تطلّ عليه ثلاثة أروقة، أكبرها رواق القبلة، ومقصورة الصلاة، ثم أضيفت إليه في عصور مختلفة زيادات كثيرة حتى أصبحت مساحته حاليًا حوالي 11,000 متر مربع، عدا الملاحق. وكانت فيه مئذنة واحدة، ثم أصبح فيه الآن خمس مآذن مختلفة الطراز، ويوجد فيه ثلاثة عشر محرابًا بديعًا متقن الصنعة، وفيه أروقة سكنية. وكان لكل جهة من جهات مصر رواق خاص لطلبتها، كما كانت هناك أروقة لطلبة كل قطر من أقطار العالم الإسلامي، ولكل رواق شيخ ينتخبه الطلبة للإشراف عليهم والاهتمام بشؤونهم. وقد بلغ عدد تلك الأروقة في القرن التاسع عشر الميلادي 25 رواقا. كان للأزهر– عبر تاريخه – مواقف مشهودة في المحافظة على التراث العربي واللغة العربية وفي التصدّي للظلم ومقاومة المحتلّين.
بدأ التعليم في الأزهر عام 976، وأنشئت به عدّة مدارس فُتحت أبوابها للدارسين من أرجاء العالم الإسلامي، ودرَّس فيه عدد من مشاهير علماء المذاهب السنية الأربعة، كما تخرَّج فيه الكثيرون من علماء المسلمين وقادتهم البارزين. وكانت الدراسة والإقامة في الأزهر بالمجان. وفي عهد الخديوي إسماعيل، في أواخر القرن الثالث عشر الهجري، بدأ الأزهر منح خريجيه درجة العالمية، وأنشئت فيه ثلاث كليات جامعية عام 1929، هي كليات الشريعة، وأصول الدين، واللغة العربية. ثم تطوَّرت مؤسساته التعليمية لتصبح منذ عام 1963، جامعة حديثة يدرس فيها الطب والهندسة والزراعة، إلى جانب العلوم الدينية واللغة العربية، كما تأسس فرع خاص للدراسات الجامعية للبنات. وللأزهر مؤسساته الأكاديمية والبحثية الأخرى؛ إضافة إلى فروع ومعاهد أزهرية في عدد من البلدان الإسلامية. ويقوم الأزهر في كل عام بإيفاد الوُعاظ والأئمة والدعاة إلى كثير من الدول، علاوة على تقديم المنح الدراسية وغير ذلك من وجوه النشاط، ويستقبل طلابًا من 85 دولة من مختلف قارات العالم.
يطّلع الأزهر بدور نشط في المحافظة على التراث الإسلامي ودراسته ونشره، وفي إظهار حقيقة الإسلام وأثره في تقدُّم البشرية ورقيّ الحضارة، كما يهتم بالتراث العلمي والفكري للأُمَّة العربية وإظهار دور العرب والمسلمين في رقيّ الآداب والعلوم والفنون، ويعمل على توثيق الروابط الثقافية والعلمية مع الجامعات والهيئات الإسلامية والعربية والعالمية. ويوجد بالأزهر مكتبة ضخمة تضم مئات الآلاف من الكتب والمجلدات، بما في ذلك عدد كبير من المخطوطات النادرة التي يعود بعضها إلى القرن الهجري الثاني.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.
عام 2005، أطلق الأزهر الشريف موقعًا على شبكة الإنترنت يستطيع الباحثون من خلاله الاطلاع على سبع وأربعين ألف مخطوطة، تقع في أكثر من سبعة ملايين صفحة.