نُزعت أراضي جدّه في بداية تطبيق نظام المزارع الجماعية إبَّان الحكم الشيوعي مما أضطره إلى التنقل مع أفراد أسرته من مكان إلى مكان، كما عمل والده طيلة حياته في إحدى المزارع الجماعية، وأصبح رئيسًا لها لأكثر من ربع قرن. ولم يبتعد الرئيس شايمييف كثيرًا عن سيرة جده وأبيه من شغفٍ بالزراعة، فدرس الميكنة في معهد قازان الزراعي، وعمل بعد تخرُّجه مهندسًا زراعيًا، فمهندسًا أول ثم أصبح مديرًا لمنطقة منزلِسـك، ثم نائبًا لرئيس اللجنة الإقليمية لمصلحة الزراعة في قازان. وكان إثباته لمقدرته الإدارية، وكفاءته القيادية، في كل عمل تولاَّه السبيل إلى اختياره وزيرًا لإصلاح الأراضي والموارد المائية في تتارستان وعمره حينذاك لم يتجاوز الثانية والثلاثين. وتدرَّج بعد ذلك في المناصب السياسية المهمّة، فأصبح النائب الأول لرئيس الوزراء بين عامي 1983-1990 ثم رئيسًا، عام 1990، للمجلس الأعلى لجمهورية تتارستان السوفيتية، وهو المجلس الذي أعلن استقلال البلاد في إطار جمهوريات روسيا الاتحادية، وانتخب شايمييف في العام التالي أول رئيس للجمهورية. وكان اختياره لتولي تلك المناصب نابعًا من حب شعبه بمختلف أعراقه ودياناته له، وتقديره لتفانيه وإخلاصه في أداء عمله إضافة إلى تقدير القيادة الروسية العليا لنهجه القيّم القادر على الجمع بين تحقيق آمال شعب تتارستان في السيادة، والانسجام الواعي مع جمهوريات روسيا الاتحادية.
تمكن الرئيس شايمييف – بما لديه من براعة ذاتية عملية ومثابرة اشتهر بها – كما اشتهر بها قومه التتاريون – من التوصل بعد محادثات شائكة مع الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسن إلى اتفاقية لم تمكِّنه من تقاسم السلطة مع قادة موسكو فحسب؛ بل مكَّنته أيضًا من الحصول على السيادة الكاملة لبلاده على مواردها النفطية ومنشآتها الصناعية الكبيرة، وعلى أن تكون اللغة التتارية لغة رسمية لبلاده. تمكَّن خلال حكمه من توطيد السلام والاستقرار والوحدة بين أفراد شعب تتارستان، كما تصدَّى ببراعة للتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تجابه بلاده مما أكسبه احترام شعبه والعالم، فأعيد انتخابه ثلاث مرّات رئيسًا للجمهورية. وهو عضو في مجلس الدولة للاتحاد الروسي، ونائب رئيس حزب روسيا المتحدة.
تمثَّلت خدمات الرئيس شايمييف المتميِّزة للإسلام والمسلمين في جهوده العظيمة لإحياء الثقافة والتراث الإسلامي؛ وبخاصة في قازان عاصمة الجمهورية التتارستانية، ودعمه المتواصل لنشر المعرفة والقيم الإسلامية بين المسلمين في بلاده. شملت إنجازاته بناء أكثر من ألف مسجد، معظمها أُعيد بناؤه بعد تدميره على يد الغزاة في العهود السابقة، ومنها أربعون مسجدًا تم بناؤها في قازان، التي لم يكن فيها سوى أربعة مساجد إبَّان الحكم الشيوعي، كما تم في عهده تأسيس العديد من المدارس والجمعيات الإسلامية ودور النشر لطباعة القرآن الكريم والكتب الإسلامية الرئيسة، وتشييد أول جامعة إسلامية في روسيا تقدِّم مقرراتها باللغات الروسية والتترية والعربية لخدمة مسلمي جمهوريات روسيا الاتحادية الذين يربو عددهم على عشرين مليونًا، كما قام بافتتاح مسجد قول شريف في قازان، الذي أُعيد بناؤه في الموضع الذي كان يقوم عليه قبل خمسمائة عام، وأطلق عليه اسم العالم الشاعر والقائد العظيم سيد قول شريف، الذي قاوم إيفان الرهيب بصمود فذ. وهو أكبر مسجد في روسيا الاتحادية كما أنه تحفة معمارية فريدة. حرص الرئيس على أن يكون الافتتاح في الذكرى الألفية لتأسيس العاصمة قازان إحياءً لتاريخها الإسلامي المجيد. وحضر الافتتاح نحو خمسة آلاف مدعو بينهم وفود رفيعة المستوى من أرجاء العالم الإسلامي.
استطاع الرئيس شايمييف بما تميَّزت به سياسته من الحكمة وبُعد النظر، أن يحوز على احترام العالم بأسره، وتكلَّلت إنجازاته في مختلف المجالات الثقافية والسياسية والدولية بالعديد من الجوائز والأوسمة الرفيعة داخل بلاده وخارجها. رغم مسؤولياته الجسيمة، ظل الرئيس شايمييف يمارس هوايات مختلفة مثل الفروسية والتزلج على الجليد، ويكتب الشعر أحيانًا. واشتهر، أيضًا، بدعمه المتواصل للفنانين والصحفيين والرياضيين في بلاده.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.