قُتِل جَدُّه في المعارك مع الروس والأرمن عام 1916، وانتقلت أسرته من باتومي (حاليًا جورجيا) إلى تركيا، حيث أمضى أردوغان طفولته المُبكِّرِة في ريزة على البحر الأسود. ثم عاد مع أسرته، مرة أخرى، إلى إسطنبول حيث نشأ في حيِّ قاسم باشا، أحد أفقر أحياء إسطنبول. وكان أثناء دراسته يبيع المشروبات الغازية والبطيخ والسميط ليُوفِّر لنفسه ولوالده دخلًا إضافيًا. أكمل تعليمه الثانوي في مدرسة الإمام خطيب الدينية، ثم واصل دراسته الجامعية في الاقتصاد وإدارة الأعمال في كلية أكساري لعلوم الاقتصاد والإدارة (التي أصبحت، فيما بعد، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة مرمرة ). وكان في شبابه يمارس كرة القدم في نادٍ رياضي مَحلِّي سُمِّي لاحقًا على شرفه.
بدأ أردوغان نشاطه السياسي بانضمامه – في أواخر السبعينات من القرن الميلادي الماضي – إلى حزب الرفاه بقيادة نجم الدين أربكان. ولكن، بوقوع الانقلاب العسكري في تركيا عام 1980، تَمَّ إلغاء جميع الأحزاب السياسية، ولدى عودة الحياة الحزبية إلى تركيا عام 1983، واصل نشاطه في حزب الرفاه في محافظة إسطنبول، وفي العام التالي، رَشَحه الحزب لمنصب عمدة إسطنبول، وفاز على منافسيه بالمنصب. وكانت بلدية إسطنبول ترزح تحت ديون ثقيلة عندما أصبح عمدة لها، فنجح في التغلُّب على الديون خلال فترة وجيزة، وحَقَّق طفرة اقتصادية ومُعَّدل نُموٍّ يزيد عن 7 بالمائة. وقام بزيادة أجور العمال، وأنجز إصلاحات أساسية في مجالي الصحة والرعاية الاجتماعية لسكان المدينة، مما أكسبه شعبية كبيرة في إسطنبول وعموم تركيا. واختاره حزب الرفاه رئيسًا لفرع الحزب في إسطنبول، ومن ثم عضوًا في اللجنة المركزية للحزب. وفي عام 1986، أصدرت المحكمة الدستورية التركية حكمًا بإلغاء حزب الرفاه بدعوى مناهضة الدستور وتهديد النظام العلماني في تركيا، وقضت بحرمان رئيسه أربكان من المشاركة في الحياة السياسية. ولكن أردوغان لم يَتوقَّف عن النضال، فأُلقي القبض عليه بعد قراءته – في إحدى الاجتماعات الجماهيرية – أبياتًا من الشعر التركي جاء فيها: “مساجدنا ثكناتنا؛ وقبابنا خوذاتنا؛ ومآذننا رماحنا؛ والمؤمنون جنودنا؛ وهذا الجيش المقدّس يحرس ديننا”. وقضت محكمة أمن الدولة التركية بسجنه وحرمانه من العمل الحكومي والترشُّح للبرلمان، وفقد وظيفته كعمدة لمدينة إسطنبول. وفي عام 2001، أسس – مع عبد الله غول – حزب التنمية والعدالة، الذي اكتسح انتخابات 2003 النيابية في تركيا، وتَمَّ تعديل الدستور مما سمح لأردوغان بِتولِّي رئاسة الوزراء.
قام بحملات من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على المستوى الوطني والتي أدَّت إلى نهضة حقيقية في بلاده جعلتها تواكب مسيرة الدول المتقدمة؛ اقتصاديًا وصناعيًا، مع التمسُّك بمبادئ الديمقراطية والعدالة. وعلى المستوى الإسلامي قام؛ مُؤيَّدًا بثقة الشعب التركي العظيم وتأييده، بخدمة قضايا الأمة الإسـلامية وفي طليعتها قضية فلسطين العادلة حيث برهن على أنه في طليعة المدافعين عن حقوق الشـعب الفلسـطيني. أما على المستوى العالمي، فإنه في طليعة المؤسسين المسـلمين لتآلف الحضارات على أساس من الحوار البناء والانفتاح؛ انطلاقًا من مبادئ التعاون والتفاهم الدولي مما جعل لوطنه تركيا مكانة مقدَّرة بين شعوب العالم ودوله.
تقديرًا لإنجازات أردوغان العظيمة، نال تقدير العديد من المحافل، وفي عام 2004، اختارته منظمة صوت أوروبا رجل أوروبا الأول؛ كما نال جائزة الشجاعة لدوره في تعزيز السلام بين الثقافات؛ وجائزة البحر المتوسط؛ وجائزة بحر قزوين لتنسيق شؤون الطاقة؛ وجائزة بناء الجسور من اتحاد علماء الاجتماع المسلمين في بريطانيا؛ وجائزة مؤسسة الديمقراطية والحرية في فرنسا؛ ووسام باكستان (أعلى وسام مدني في باكستان)؛ وجائزة تورغوت أوزال للسلام العالمي. كما منحته تسع جامعات أمريكية، وأوروبية؛ وعربية درجة الدكتوراة الفخرية.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.