نشأ في بيت فاضل من بيوت العلم، فحفظ القرآن الكريم وتعلم مبادئ القراءة والكتابة في صغره، ثم التحق بالأزهر حيث درس العلوم الدينية والعربية، ثم التحق بمدرسة دار العلوم التحضيرية، وواصل بعد ذلك دراسته في كلية دار العلوم العليا، وتخرَّج فيها عام 1932. ثم عمل بالتدريس في كلية الآداب بجامعة الإسكندرية في عام 1950، ثم في كلية دار العلوم، وأصبح أستاذًا ورئيسًا لقسم الدراسات النحوية فيها. كما أسهم في إنشاء جامعة الكويت، ووضع منهج قسم اللغة العربية فيها، وتولَّى رئاسة قسم اللغة العربية وقسم الدراسات العليا في تلك الجامعة لأكثر من عشر أعوام. واختير في تلك الأثناء عضوًا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، فشارك في لجان المعجم الكبير، وإحياء التراث، والجغرافيا، والنقد، كما شارك في المؤتمرات السنوية للمجامع العربية.
بدأ البروفيسور عبدالسلام هارون نشاطه العلمي منذ وقت مبكر، فحقَّق، وهو في السادسة عشرة من عمره، كتاب متن أبي شجاع عام 1925، وبعد ذلك بعامين حقَّق الجزء الأول من كتاب “خزانة الأدب للبغدادي”، ثم أكمل أربعة أجزاء منه وهو طالب بدار العلوم. وبعد تخرجه في دار العلوم اتجه إلى النشر بغزارة، فلا يكاد يمر عام دون كتاب جديد يحقّقه أو دراسة ينشرها، فأثرى الحياة الأدبية والفكرية بإنتاجه العلمي الوفير. وبلغ ما أنتجه من كتب، تأليفًا أو تحقيقًا، حوالي 115 كتابًا، كثير منها في مجلدات عدة، وتنوَّعت تحقيقاته فشملت اللغة، والنحو، والأدب، والمختارات الشعرية، والتاريخ والتراث، والسيرة، وإخراج المعاجم اللغوية. ومن أشهر مؤلفاته: “تحقيق النصوص ونشرها”، وهو أول كتاب عربي في فن التحقيق ومناهجه؛ و”الميسر والأزلام”؛ “الأساليب الإنشائية في النحو العربي”، “معجم شواهد العربية” (مجلدين)، و”التراث العربي” (من سلسلة كتابك). ومن تحقيقاته: كتاب “الحيوان” للجاحظ فى ثمانية مجلّدات، الذي نال على تحقيقه جائزة مجمع اللغة العربية عام 1950؛ ومعجم “مقاييس اللغة” لابن فارس فى ستة مجلّدات؛ و”البيان والتبيين” للجاحظ في أربعة مجلدات؛ و”شرح ديوان الحماسة” للمرزوقي في أربعة مجلدات؛ وكتاب “سيبويه” من أربعة أجزاء.
نذر البروفيسور عبدالسلام هارون حياته لخدمة التراث العربي على اختلاف مناحيه وكثرة تشعبه، تمُدّه ثقافته العربية الواسعة، ومعرفته العميقة بالتراث. وكان إلى جانب هذا النشاط الأدبي والفكري الجمّ، أستاذًا جامعيًا مرموقًا، ومحاضرًا قديرًا، ومشرفًا أو مناقشًا لأكثر من ثمانين رسالة للماجستير والدكتوراة، وكان عضو شرف في مجمع اللغة العربية في الأردن.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.