تلقَّى تعليمه الأساسي فيها، كما تلقَّى دروساً مسائية بالعربية في إحدى مدارس جمعية العلماء الجزائرين. شارك في النضال ضد الاستعمار الفرنسي منذ صباه، فالتحق بحزب الشعب الجزائري وعمره لا يتجاوز خمسة عشر عامًا. اضطر إثر ملاحقة الشرطة الفرنسية للمناضلين الجزائريين إلى الرحيل إلى مصر حيث كان ينوي دراسة الطب، إلا أنه اكتشف – من خلال تردده على الجامع الأزهر لدراسة اللغة العربية – ميله إلى تراث اللغة العربية، فَحوَّل اهتمامه إلى الدراسات اللغوية في كلية اللغة العربية بالأزهر، ورأى الفرق بين وجهات النظر الخاصة بالنحاة العرب الأقدمين وما يقوله المتأخرون منهم. لم يتمكَّن من إكمال دراسته في مصر، فانتقل إلى فرنسا حيث حصل على ليسانس اللغة العربية وآدابها وعلى دبلوم الدراسات العليا في فقه اللغة واللسانيات الفرنسية من جامعة بوردو عام 1958، وشهادة التبريز في اللغة العربية وآدابها من جامعة باريس عام 1960. ثم انتقل بعد ذلك إلى المغرب حيث قام بتدريس اللسانيات في كلية الآداب بجامعة الرباط وحصل – في الوقت نفسه – على دبلوم العلوم السياسية من كلية الحقوق، كما درس الرياضيات في كلية العلوم بالرباط. نال درجة دكتوراة الدولة في اللسانيات من جامعة باريس الرابعة (السوربون) عام 1979.
تمتد مسيرة البروفيسور الحاج صالح الأكاديمية حوالي نصف قرن، تَدرَّج خلالها في الرتب الأكاديمية في بلاده، من أستاذ محاضر في عام 1962 إلى رئيس دائرة اللسانيات وقسم اللغة العربية بكلية الآداب في جامعة الجزائر فعميدًا للكلية بين عامي 1965-1968، كما عمل مديراً لمعهد العلوم اللسانية والصوتية، ومديراً لوحدة البحث في علوم وتكنولوجيا اللسان. أسس مجلة “العلوم اللسانية”، وأنشأ برنامج الماجستير في علوم اللسان. في عام 2000، عُيِّن رئيس المجمع الجزائري للغة العربية؛ إضافة إلى عمله أستاذًا وباحثًا في جامعة الجزائر، وتَخرَّج على يديه عدد كبير من الباحثين وطلاب الدراسات العليا.
تَميَّز البروفيسور الحاج صالح بجهوده الرفيعة في تحليله النظرية الخليلية النحوية وعلاقتها بالدراسات اللسانية المعاصرة. وهو صاحب “النظرية الخليلية الحديثة”. اشتهر بدفاعه عن أصالة النحو العربي، وإجرائه مقارنات علمية بين التراث اللغوي العربي ومختلف النظريات في هذا الموضوع. له مشاركات عديدة في الدراسات اللسانية؛ بحثاً وتقويماً وتعليماً، وجهود بارزة في حركة التعريب. تَعدَّدت نشاطاته العلمية والثقافية، فرأس اللجنة الدولية والهيئة العليا لمشروع الرصيد اللغوي، بإشراف جامعة الدول العربية. واختير عضواً في مجامع اللغة العربية في دمشق وبغداد وعَمَّان والقاهرة، ورئيساً للجنة الوطنية الجزائرية لإصلاح المنظومة التربوية، وخبيراً في منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم، وعضواً في المجالس الاستشارية لمكتب تنسيق التعريب بالرباط، والمعهد الدولي للغة العربية بالخرطوم ومعهد المخطوطات العربية (المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم). وكان مديراً لمجلة اللسانيات الصادرة في الجزائر. وهو عضو في هيئة تحرير بعض المجلات الغربية في مجال تخصصه.
نُشر له بحوث كثيرة في المجلات المتخصصة العربية والغربية، كما ألَّف أو شارك في تأليف عدّة كتب في علوم اللغة العربية واللسانيات العامة منها: “معجم علوم اللسان”، “بحوث ودراسات في علوم اللسان” (بالعربية والفرنسية والانجليزية)، “السماع اللغوي عند العرب ومفهوم الفصاحة”، “علم اللسان العربي وعلم اللسان العام” (بالفرنسية في مجلّدين)، “النظرية الخليلية الحديثة: مفاهيمها الأساسية”، و”منطق العرب في علوم اللسان”.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.