وُلِد البروفيسور جيرد كارل بينج سنة 1366هـ/1947م في مدينة فرانكفورت بألمانيا. وكان يميل إلى دراسة الموسيقى في صباه، وغدا عازفاً بارعاً للكمان، وعمل في فرقة موسيقية، وفي أوركسترا مدرسته. ثم اتجه إلى دراسة الفيزياء، وحصل على بكالوريوس الفيزياء من جامعة جوته في فرانكفورت سنة 1393هـ/1973م، وعلى الدكتـوراه في الفيزياء من الجامعة نفسها سنة 1398هـ/1978م. وعمل منذ ذلك الحين في مختبرات شركة آي بي إم. وقد التحق في البداية بمركز أماندين للبحوث بفرع الشركة في سان خوسيه في كاليفورنيا، وأصبح أستاذاً زائراً للفيزياء في جامعة ستانفورد، وقام مع زميلين آخرين، بتصميم أول نموذج لمجاهر القوى الذريَّة التي تقيس المادة على مستوى النانو. ثم انتقل إلى مختبرات الشركة في زيورخ حيث التقى بالبروفيسور هنريتش روهرر، وركَّزا الاثنان اهتمامهما على دراسة أشباه الموصلات.
وقد نشر البروفيسور بينج بحوثاً عديدة في الفيزياء، تضمَّنت أفكاراً جديدة في الميكانيكا والميكانيكا الكوانتيّة. ومن أعظم أعماله قيامه – بالاشتراك مع البروفيسور روهرر – بتصميم المجهر الماسح النفقي وتطويره. وهو مجهر بالغ الدقة في المسح السطحي للمواد متناهية الصغر، وقد تمكَّن العلماء بواسطته، لأول مرّة، من تصوير سطح الذرة الواحدة والتعامل معها (يقدّر قطر الذرة بحوالي جزء من عشرة بلايين من المتر). وبذا ساهم بينج وروهرر من خلال تصميمهما لذلك المجهر في إطلاق “ثورة النانو” وتحويل تلك التقانة من حلم إلى أمر واقع. وسرعان ما ثبتت أهمية المجهر الماسح النفقي في الصناعة والتعدين والبحوث الأساسية كبحوث أشباه الموصلات، والكيمياء الكهربية، والبيولوجية الجزيئية. وتقديراً لذلك الجهد مُنِح بينج وروهرر جائزة الملك فيصل العالمية سنة 1404هـ/1984م، ثم مُنِحا جائزة نوبل بعد ذلك بسنتين؛ مناصفة مع ارنست رسكا، مخترع المجهر الإلكتروني. وكان بينج وقتها في الثلاثينات من عمره.
مُنِح البروفيسور جيرد بينج الجائزة (بالاشتراك)؛ وذلك تقديراً لأعماله المميزة في حقل الفيزياء، فقد أسهم، من خلال بحوثه في علم المجهر الماسح النفقي، في التوصل إلى بناء جهاز بارع يفيد في دراسة سطوح المواد، مشاركاً في استخدام طريقة مبتكرة عمادها قيام نفق عبر الفراغ بين رأس مدبّب حاد وذرة قد امتصها سطح بلورة، ممَّا مكَّن من التعرُّف على مجالات أبعادها أبعاد الذرّة.
حصـل البروفيسور جيرد بينج على العديد من الجوائز الأخرى؛ ومنها جائزة الفيزياء من الجمعية الفيزيائية الألمانية، وجائزة أوتو كلونج، وجائزة هيوليت بكارد، وجائزة رستن، كما دُعي لإلقاء المحاضرات في العديد من المراكز العلمية والجامعات، وعيَّنته جامعة لودفيج ماكسميليان في ميونيخ أستاذاً فخرياً منذ سنة 1407هـ/1987م. كما شارك مع 25 عالِماً، وأديباً، وشاعراً، وموسيقار بمقالات في كتاب: الشوق إلى الأفكار: كيف يكتشف المبدعون الجديد ويعيدون تشكيل عالمنا، الذي حرره هنريتش فون بيرر وبولكو فون أوتنجر وصدر بالألمانية والإنجليزية. وفي سنة 1414هـ/1994م، أسس شركة Definiens متعدّدة الجنسيّات التي ابتدعت تقانات بالغة الدقّة في التصوير، أفادت منها عشرات المعاهد العلمية والمؤسسات الصناعية عبر العالم، وطبّقتها في علوم الأرض، والتقاط الصور بواسطة الأقمار الصناعية والطائرات، وتصنيفها وتحليلها بسرعة ودقة فائقة، وفي مجالات شتّى من علوم الحياة، والطب، والصناعات الدوائية وغير ذلك.