درس العلوم الطبيعية والفلسفة في جامعة فرانكفورت وتخرج عام 1960، ثم حصل على الدكتوراة من جامعة فرانكفورت عام 1967. عمل بالتدريس في جامعة زيورخ لأكثر من 40 عامًا، وأصبح أستاذاً منذ عام 1974، وتولَّى العديد من المهام العلمية والاستشارية والإدارية في جامعة زيورخ وخارجها. وبعد تقاعده عام 2005، أعادت الجامعة تعيينه أستاذاً باحثاً، كما عيَّنته جامعتا هارفرد وييل بالولايات المتحدة أستاذاً فيهما.
يُعدّ البروفيسور فينر واحداً من أعظم علماء بيولوجية الجهاز العصبي والسلوك، فقد أمضى أكثر من ثلاثين عامًا يبحث في كيفية تحكُّم نملة صحراوية تزن حوالي جزء واحد من الجرام بواسطة دماغها الذي يزن حوالي جزء واحد من عشرة آلاف من الجرام في تحديد الاتجاهات والملاحة في الصحراء الكبرى، مبيّناً القدرات العصبية والبصرية المذهلة لهذا الكائن الحي، ومنها أنه يتحرك ببراعة عجيبة بحثاً عن الغذاء، ويقطع مسافات بعيدة للغاية، وفي مختلف الاتجاهات، وبسرعة تفوق أي كائن حي آخر، ومع ذلك يتمكَّن من العودة بسهولة وسرعة إلى مسكنه رغم عدم وجود علامات مرئية أو روائح ترشده في الصحراء. واكتشف فينر أن ذلك النمل (ويعرف أيضاً بالنمل الفضي واسمه العلمي Cataglyphis fortis) يستخدم “بوصلة دماغية” تقوم بتحديد الاتجاهات بواسطة أضواء سماوية مستقطبة لا تراها عين الإنسان، و”عداد مسافات” دماغي يسجل عدد الخطوات التي خطاها أثناء تجواله، ثم تقوم خلايا بصرية في عينه وخلايا عصبية متخصّصة في دماغه بمعالجة تلك المعلومات وتنسيقها، وتُكوّن دوائر كهربية عصبية، تُجرى عمليات حسابية، وترسم للنملة خارطة دماغية تمكّنها من العودة إلى مسكنها بأقصر الطرق وأسرعها دون أن تضلّ الطريق. سمّى فينر هذا النظام الدماغي الفريد “ملاحة المتجهات”، وصمّم إنساناً آلياً، أسماه “روبوت الصحراء Sahabot”، لمحاكاته، و إرسال المعلومات إلى مختبر أقامه في الصحراء التونسية لتحليلها. كما درس سلوك هذا النمل وقدرته الفائقة على تحمّل الحرارة. نشر أكثر من 225 بحثاً علمياً، وأربعة كتب، أشهرها كتاب “علم الحيوان”، الذي أعيد طبعه عدّة مرّات، وترجم إلى سبعة لغات. أهدى كتابه “ملاحة الحشرات بالأضواء السماوية” لعائلة بدوية تعرّف عليها أثناء عمله في الصحراء التونسية. كما ألَّف كتاباً عن الطبيب السويسري فليكس سانتشي، الذي عشق مدينة القيروان وأمضى معظم حياته فيها خلال القرن الماضي.
احتفت الأوساط العلمية بالبروفيسور فينر ومنحته العديد من الجوائز والميداليات ودرجات الشرف، وفي طليعتها جائزة مارسيل بينويست السويسرية الشهيرة، وجائزة همبولدت الألمانية، وجائزة التميُّز العلمي من جامعة ييل، وجامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس، وميدالية الأكاديمية الألمانية للعلوم الطبيعية في ليبولدينا وجائزتها، وميدالية وجائزة كارل ريتر من الجمعية الألمانية لعلم الحيوان. كما منحته كل من جامعة لُنْد بالسويد، وجامعتي همبولدت وأولدنبورغ في ألمانيا الدكتوراة الفخرية. دعته كبرى المؤسسات العلمية في العالم لإلقاء المحاضرات. وهو رئيس الجمعية السويسرية لعلم الحيوان، وزميل معهد الدراسات المتقدّمة في برلين، وعضو في عدة أكاديميات علمية.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.