درس الطب في مستشفى سانت توماس بجامعة لندن، وحصل على الماجستير عام 1945 والدكتوراة عام 1958 من لندن، والدكتوراة في الطب عام 1969 من جامعة أوكسفورد. وبعد أدائه الخدمة العسكرية، انضم إلى وحدة البحوث الإحصائية التابعة لمجلس البحوث الطبية، وأصبح رئيساً لها. وفي عام 1969، عيِّنته جامعة أكسفورد أستاذاً ملكياً في الطب؛ وأصبح، عام 1979، أول عميد لكلية جرين للدراسات الطبية العليا. كما عُيِّن عضو شرف في وحدة الدراسات الوبائية بجامعة أكسفورد. وكان من أعظم المتخصصين في وبائيات الأمراض الخبيثة، وفي طليعة الذين نبهوا – منذ عدّة عقود – إلى علاقة التدخين بسرطان الرئة.
أجرى البروفيسور دول دراسة غير مسبوقة تابع فيها حوالي 34 ألف طبيب من المدخنين وغير المدخنين على مدى خمسين عامًا لمعرفة العلاقة بين التدخين وسرطان الرئة والأمراض الأخرى. أثبتت تلك الدراسة، بشكل قاطع، أن التدخين وقطران السجائر يرتبطان ارتباطاً كمّياً وعضوياً وثيقاً بسرطان الرئة. وتعاون معه تلميذه عالم الإحصاء المرموق البروفيسور السير ريتشارد بيتو في جامعة اكسفورد، على مدى 30 عامًا، في إثبات أضرار التدخين وتوثيق الخطر العالمي الناجم عنه، وقدَّرا أن التدخين يقتل حوالي ثلاثة ملايين نسمة كل عام في العالم، وأن مجموع الوفيات الناتجة عن الأمراض المرتبطة بالتدخين قارب مئة مليون نسمة في القرن الماضي، وقد يتضاعف عدة مرات بنهاية القرن الحالي، كما وجدا أن التدخين يسبب أكثر من عشرين مرضاً آخر غير سرطان الرئة، وأن الاستمرار فيه يؤدي إلى أكثر من ضعف مجموع الوفيات الناتجة عن بقية الأمراض مجتمعة، بينما يؤدِّي الإقلاع عنه في أي عمر إلى انخفاض ملموس في نسبة الوفيات. وقدّما – في أواسط السبعينيات – تقريراً شهيراً للكونجرس الأمريكي عن مسبِّبات السرطان التي يمكن تجنبها، ومنها التدخين وبعض أنواع الأغذية والهرمونات الطبيعية والكحول والإشعاعات المُؤيِّنة وأشعة الشمس المفرطة وغير ذلك، وأصبح تقريرهما من أهم المراجع العالمية في الطب.
قاد البروفيسور دول – بالإضافة إلى دراساته حول أخطار التدخين – عدة بحوث رائدة أخرى عن مسببات السرطان، فكان أول من أثبت علاقة الأسبستوس الوثيقة بذلك المرض، وأول من أثبت خطر الإصابة المهنية بالسرطان في مناجم الفحم ومعامل تنقية النيكل. وفي أعقاب تجارب القنابل الهيدروجينية في المحيط الهادي، كُلِّف بدراسة العلاقة الكَمّية بين الإشعاعات النووية وسرطان الدم، فأثبت – لأول مرة – أن خطر الإصابة بسرطان الدم يتناسب طردياً مع مقدار الجرعة الإشعاعية التي يتعرض لها النخاع العظمي للإنسان، وهو ما تأكد في دراسات لاحقة للناجين من الموت بعدما ضُربت هيروشيما وناجازاكي بالقنابل الذرية؛ كما وجد أن التأثير المشترك للتدخين وأشعة الرادون في المنازل مسئول عن حوالي 9% من الوفيات بسرطان الرئة في أوروبا. نُشر له أكثر من 500 بحث؛ إضافة إلى عدَّة كتب وفصول في كتب. ومُنِح زمالة الكلية الملكية، وعضوية الجمعية الملكية للأطباء، ولقب “فارس” (سير) عام 1971، ووشاح الشرف، ومنحته 15 جامعة درجة دكتوراة فخرية. كما حصل على ميدالية الجمعية الملكية، والميدالية الذهبية للجمعية الطبية البريطانية، وجائزة الأمم المتحدة لبحوث السرطان، وجائزة موط للوقاية من السرطان، وجائزة الأمير ماهيدول، وجائزة شو في الطب.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.
توفي السير ريتشارد دول في أكسفورد بتاريخ 2005/7/24.