نشأ في بيت علم وصلاح، فحفظ القرآن في صغره، ودرس الشريعة والفقه على يد كبار علماء عصره، وفي طليعتهم والده الشيخ أحمد الزرقاء، كما تعلَّم مبادئ اللغة الفرنسية وهو في العاشرة. ظل يتابع دراسته الشرعية والمدنية معًا في مختلف المراحل الدراسية، فنال شهادة البكالوريا في شعبة العلوم والآداب، وشهادة البكالوريا في شعبة الرياضيات والفلسفة، مُحرزًا في كليهما المركز الأول علي مستوى الدولة، ثم التحق بكليتي الحقوق والآداب بجامعة دمشق، وتخرج فيهما بتفوُّق عام 1933. وفي عام 1947، التحق بجامعة فؤاد الأول (القاهرة حاليًا) ونال منها دبلوم الشريعة الإسلامية.
قام الشيخ الزرقاء – في شبابه – بالتدريس مكان والده في الجامع الأموي بحلب، وفي جامع الخير، والمدرسة الشعبانية، والمدرسة الخسروية؛ كما اشتغل في المحاماة في حلب عشرة أعوام، ثم انتقل إلى دمشق للتدريس في جامعتها لأكثر من عشرين عامًا، فكان يدرّس القانون المدني والشريعة الإسلامية في كلية الحقوق، كما كان يدرّس في كلية الآداب وكلية الشريعة. وكان عضوًا في مجلس النوّاب السوري، وأصبح وزيرًا للعدل والأوقاف في بلاده. ثم عمل عدة أعوام خبيرًا للموسوعة الفقهية التي أعدتها وزارة الأوقاف الكويتية، وقام بالتدريس في كلية الشريعة الأردنية، ومعهد الدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية بالقاهرة. اختير عضوًا في المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي في مكّة المكرّمة، وخبيرًا في مجمع الفقه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في جدّة. وشارك في تطوير برامج كلية الشريعة في جامعة دمشق، وكليتي الشريعة وأصول الدين في الأزهر، والجامعة الإسلامية في المدينة المنوّرة، وكلية الشريعة في مكّة المكرّمة. وكان رئيسًا للجنة موسوعة الفقه الإسلامي في كلية الشريعة في جامعة دمشق، وعضوًا في لجنة قانون الأحوال الشخصية السوري، ورئيسًا لمشروع قانون الأحوال الشخصيّة الموحَّد لمصر وسورية أثناء الوحدة، كما ساهم في وضع قانون مدني موحَّد مستمدّ من الفقه الإسلامي للبلاد العربية.
للشيخ الزرقاء منجزات علمية جمَّة في أقطار عربية مختلفة، وإنتاج علمي غزير يشمل اثني عشر كتابًا والعديد من البحوث. وتأتي في طليعة كتبه سلسلتان: فقهية وقانونية. وأشهر كتبه الفقهية: “الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد”، و”أحكام الأوقاف”، و”عقد التأمين وموقف الشريعة منه”. أما أشهر كتبه القانونية فهي: “شرح القانون المدني – مصادر الالتزام الإرادية: العقد والإدارة المنفردة”، و”شرح القانون المدني وأحكام الالتزام في ذاته”، و”شرح القانون المدني – عقد البيع والمقايضة”، و”نظرية العقد في القانون المدني السوري”.
مما تميَّزت به السلسلتان أن الفقهية تضمَّنت مقارنات مهمَّة بالقانون، بينما حوت القانونية مقارنات كثيرة بالفقه. وتُبرز كل تلك المقارنات بوضوح وقوة مزية الفقـه الإسلامي وفضل ما فيه من إحاطة وشمول ومنطقية ودقة، كما تجيب خصوصًا عن سؤالات، وتزيل شكوكًا لدى بعض القانونيين. وتميَّزت كتاباته بأسلوب مبتكر منسَّق يفهمه الفقيه الشرعي والقانوني والطالب.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.