انتقل من البكيرية في القصيم إلى الرياض بعد أن ضاق بأبيه الحال، وبدأ العمل وهو في التاسعة من عمره. ظلَّ يتنقل في عدة أعمال متواضعة، إلى أن فتح متجرًا صغيرًا وجمع منه ثروة بسيطة. لكنها لم تدم طويلًا، إذ باع متجره ليتزوَّج؛ وهو في الخامسة عشرة من عمره. ثم عمل عند أخيه الأكبر صالح في مجال الصرافة، إلى أن استقل بالعمل عام 1956، وسافر إلى مكة وبدأ بالعمل بالصرافة مع الحجيج، ونجح في ذلك، فبدأت ثروته بالتنامي عبر الأعوام، حتى أصبح واحدًا من أهم الروَّاد في مجال الصرافة في العالم. ظَلَّ – منذ احترافه مجال الصرافة – يُطبِّق تعاليم الإسلام في كل تعاملاته وفي حياته الشخصية، مما أعانه على تحقيق نجاح منقطع النظير في عمله وحياته. وأصبح رئيس مجلس الإدارة والمساهم الرئيس في تأسيس منشأة مصرفية إسلامية عملاقة تُعدُّ أُنموذجًا للمصارف الإسلامية الساعية إلى الالتزام بالشريعة الإسلامية في تعاملاتها. كما أقام عددًا من المشروعات الاستثمارية الضخمة التي تُحقِّق نوعًا من الاكتفاء الغذائي الذاتي في بلاده وتخدم قطاعات الصناعة والتشييد وغير ذلك. وحرصًا منه على تنمية المجتمعات المسلمة تَوجَّه، أيضًا، للاستثمار في البلدان الإسلامية وتقوية أواصر الصلات التجارية معها.
عُرِف عن الشيخ سليمان الراجحي حُبُّه الشديد لعمله، وأمانته، وقدرته على تنظيم وقته رغم مشاغله الكثيرة. كما عُرِف عنه أن حرصه ومتابعته لأعماله التجارية لم ينسه العمل لآخرته من خلال العمل الخيري والبذل والعطاء، فشرع في بناء المساجد وتشييد المساكن للفقراء، ورعاية الأسر المحتاجة، وتأسيس صندوق عائلة الراجحي الخيري؛ فضلًا عن إسهاماته الخيرية المستمرة في معالجة مشكلة الفقر، ودعم الجمعيات الخيرية المَحلِّية والدولية بالمساعدات المالية وبالتدريب والتأهيل والعطاء العيني.
في منتصف العام الماضي، وقف الشيخ سليمان أكثر من نصف ثروته الطائلة، التي تزيد على عشرة مليارات دولار لأعمال البر، بينما قسَّم بقية ثروته وممتلكاته على أولاده وزوجاته، مكتفيًا بأخذ مصروفاته الشخصية من أموال الوقف. أنشأ مؤسسة خاصة هي مؤسسة سليمان العبدالعزيز الراجحي الخيرية لمتابعة الوقف الخيري، وحفظه، ووضعه في مصارفه التي حُدِّدت له، ومنها إنشاء جامعة الراجحي الخيرية في البكيرية عام 2009، وتشمل كليات الطب، والتمريض، والأعمال، ومؤسسة خاصة بالمناهج الدراسية العربية والإسلامية باللغات المختلفة، ومعهدًا لتعليم العربية لغير الناطقين بها، ومعهدًا لتعليم المهارات المالية، ومستشفى خيريًا، كما سيتم مستقبلًا إنشاء كلية للاقتصاد، ومركز الراجحي الاقتصادي. منها، أيضًا، بناء عدة جوامع كبيرة في مقدَّمها جامع الراجحي بالرياض. وتحتوي هذه الجوامع على أماكن للصلاة وأخرى للحلقات وثالثة للاعتكاف. ويؤمل أن تصبح تلك الجوامع يومًا ما أشبه بكليات للعلوم الشرعية والعربية. اعتنى الشيخ سليمان بكتاب الله العزيز من خلال دعم حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وتكريم حفظته من خلال الجمعيات الخيرية المعنية، وطباعة مئات الألوف من المصاحف وتوزيعها عالميًا، وبخاصة في أفريقيا. وإضافة إلى الجوامع وتحفيظ القرآن الكريم ومكافأة حفظته، فإن مصارف الوقف سوف تشمل الخدمات التي تحتاج إلى تطوير مثل مرافق محطات الطرق.
حصل على وسام الملك عبد العزيز عام 2000.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.