كان جدّه الشيخ محمد بن مصطفى عالمًا أزهريًا وخبيرًا في الفلك والرياضيات. وقد انتقل بعلمه من مصر إلى ديار الشام في أوائل القرن التاسع عشر الميلادي. أما أبوه الشيخ مصطفى فكان أمينًا للفتوى، ثم رئيسًا لمحكمة النقض في دمشق.
تلقَّى الشيخ علي الطنطاوي دراسته الابتدائية الأولى في المدرسة التجارية، ثم التحق بالمدرسة السلطانية الثانية، فالمدرسة الجقمقية، ثم دخل مكتب عنبر، الذي كان الثانوية الوحيدة في دمشق، لينال البكالوريا عام 1927. والتحق بعد ذلك بكلية الحقوق في جامعة دمشق حتى نال الليسانس عام 1932. جمع فضيلته بين الدراسة النظامية وتلقِّي العلوم الدينية وعلوم اللغة العربية والعلوم على يد كبار المشايخ.
عمل – منذ مطلع شبابه – بالتدريس في المدارس الأهلية والحكومية في دمشق وتعرَّض لمضايقات عديدة بسبب مواقفه الوطنية وجرأته في مقاومة الفرنسيين وأعوانهم مما اضطره للانتقال إلى العراق عام 1936، حيث عمل في مدارس بغداد وكركوك والبصرة. ثم عاد للتدريس في سوريا، كما قام بالتدريس في كلية الشريعة ببيروت لمدة عام. وفي عام 1941، التحق بسلك القضاء، فعُيِّن قاضيًا في النبك، ثم قاضيًا في دوما، ثم قاضيًا ممتازًا في دمشق، فمستشارًا لمحكمة النقض في الشام، ثم مستشارًا لمحكمة النقض في القاهرة أيام الوحدة مع مصر.
في عام 1964، قدم الشيخ الطنطاوي إلى المملكة العربية السعودية، فأخذ يُدَّرس في كلية اللغة العربية وكلية الشريعة في الرياض، ثم انتقل إلى التدريس في كلية الشريعة في مكَّة المكرَّمة، ثم تفرَّغ للعمل في مجال الإعلام. وكان له برنامج إذاعي يومي بعنوان “مسائل ومشكلات” وآخر تلفزيوني أسبوعي بعنوان “نور وهداية”، وظلَّ يقدمهما لحوالي ربع قرن. وكان من أقدم الإعلاميين العرب، إذ بدأ يحاضر في إذاعة يافا عام 1932، وإذاعة بغداد عام 1940، وإذاعة دمشق عام 1942. أما أول مقالة صحفية له، فقد نُشرت عام 1926، ولم ينقطع عن النشر في الصحف منذ ذلك التاريخ.
قام الشيخ الطنطاوي بجهود خيِّرة في مجال الدعوة الإسلامية عقودًا؛ وذلك من خلال الدروس والمحاضرات والكتب والمقالات والمؤتمرات والأسفار، ومن خلال الصحف والإذاعة والتلفزيون. وتقلَّبت به الدنيا وهو ثابت لم يتغيَّر ولم يتقلَّب. ألَّف عشرات الكتب، وكتب مئات المقالات، وأذاع آلاف الأحاديث، والتقى بمستويات شتَّى من البشر تتفاوت وتتباين في المستوى الاجتماعي والثقافي. وظلَّ عند هؤلاء جميعًا داعيًا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، مُبيّنًا فضائل الإسلام أو مُقدِّمًا النصيحة والمشورة، أو رادًا على الشُّبَه والتزييف، أو مشاركًا في صياغة القوانين والأنظمة، أو عاملًا في إعداد المناهج التعليمية. وقد وظّف ثقافته وعلمه وأسلوبه الأدبي في خدمة الدعوة الإسلامية، فأجاد وأفاد، وانتفع بعلمه عدد لا يحصى من البشر.
كتبت هذه السيرة الذاتية في عام استلامه للجائزة.