تأسست الهيئـة العليا لجمع التبرعات لمسلمي البوسنة والهرسك في المملكة العربية السعودية سنة 1412هـ/1992م، واسـتطاعت – رغم ظروف الحرب وضراوتها – أن تقوم بدور إنساني نبيل تجاه أولئك المسلمين إبَّان محنتهم، فقدَّمت لهم مختلف أشكال العون، تحقيقاً لمبدأ التكافل والتعاضد بين المسلمين، كما قامت بالتعريف بمأساتهم، ومحاولات التطهير العرقي التي تعرضوا لها من قبل الصرب، ودعت المواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية للتبرُّع لهم، والمساهمة في تخفيف معاناتهم.
وقد تميَّزت المساعدات الإنسانية التي قدَّمتها الهيئة العليا للمسلمين في البوسنة والهرسك بالتنوع والشمول. ففي بداية المحنة قامت الهيئة بتأمين أكثر من مئة ألف طن من مواد الإغاثة من طعام وكساء وأدوية وعلاج، وحوالي 4300 طن من وقود التدفئة، ونقلتها جوّاً وبحراً، وأشرفت على توزيعها من خلال مكاتبها في أوروبا، كما قامت بإنشاء مخيمات للمهجرين واللاجئين، وتقديم الخدمات الاجتماعية والطبية لهم، وكفالة أكثر من ثلاث مئة عائلة مسلمة، وسبعة آلاف يتيم.
وبعد انتهاء الحرب، شاركت الهيئة في برامج إعادة المهجَّرين إلى بلادهم، وأشرفت على تنفيذ العديد من برامج الإعمار والتنمية في البوسنة، بما في ذلك بناء الكليات والمدارس والمراكز الثقافية والمساكن وملاجئ الأيتام وترميمها، وإعادة تأهيل خط السكة الحديد، وشبكات الكهرباء والمياه، وتوفير البذور وآلات الزراعة. وإلى جانب ذلك، قامت الهيئة بتدعيم برامج الدعوة والتعليم، وإنشاء المعاهد الدينية، ووضع الخطط والمناهج التعليمية لها، وطباعة الكتب، وتوزيع المصاحف (أكثر من نصف مليون مصحف)، وتقديم المنح الدراسية، وتغطية أجور الأئمة والدعاة والمعلمين، والإشراف على برامج الإفطار الرمضانية، وبرامج الحج لمسلمي البوسنة، والتي تحمّل تكاليفها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، رحمه الله. كما أقامت عدداً من المكتبات الإسلامية المقروءة والمسموعة، وأشرفت على تعليم القرآن لأكثر من خمسة آلاف طفل في سراييفو وحدها، وبنت أو أعادت بناء حوالي ست مئة مسجد في أقاليم البوسنة، أو وفرت لها الأثاثات ونظم التدفئة، ومن أهمها مسجد ومركز خادم الحرمين الشريفين في سراييفو، الذي يُعدّ أكبر مجمّع إسلامي في شرق أوروبا، إذ تزيد مساحته على ثمانية آلاف متر مربع ويتسع مسجده لأكثر من خمسة آلاف مصلي. أما المركز الثقافي الملحق به فيضمّ قسم اللغة العربية، وقاعة محاضرات، ووحدات لخدمات الحاسوب، والترجمة الفورية، وصالة رياضية، ومعرض دائم، ومطعم، ومكتبة مركزية من أكبر المكتبات باللغة العربية في منطقة البلقان. وقد أقيم له فرع في مدينة موستار الشرقية ذات الهويّة الإسلامية. كما ساهمت الهيئة العليا في إنشاء عدد من المستوصفات والمراكز الطبية ومنها مركز الأمير سلمان بن عبد العزيز لغسيل الكلى في سراييفو لخدمة سكان العاصمة البوسنية والمدن المجاورة لها.
وقد اختيرت الهيئة “الشخصية الإنسانية لسنة 1415هـ/1994م” وحصلت على الوشاح الذهبي من رئاسة حكومة البوسنة والهرسك.
مُنِحَت الهيئة العليا لجمع التبرعات لمسلِمي البوسنَة والهرسك الجائزة؛ وذلك لقيامها بأعمال جليلة تتلخص فيما يأتي:
1- برامج إغاثة شملت دعم حكومة البوسنة والهرسك للصمود أمام أعدائها، تأمين المواد الإغاثية لمواطنيها من طعام وكساء وأدوية وعلاج، وإقامة مخيَّمات للمهجَّرين منهم.
2- برامج مسَاعدات اجتماعية شملت إيجارات السكن وتكاليف الكهرباء ووسائل التدفئة، كما شملت إمدَاد الأسر المحتاجة بالنقود، وكفَالة الأيتام الذين بلغ عددهم ثلاثين ألفاً.
3- برامج إعمار وتنمية شملت بناء المسَاجد والمدارس والكليّات والمسَاكن وترميمها، وإعادة تأهيل خط سكة الحديد وشبكات الكهرباء، وتوفير البذور الزراعية وآلات الزراعة.
4- برامج دعوة وتعليم شملت – إضافة إلى بناء الوسَائل المادية كالمدارس والكليات – وضع الخطط والمناهج التعليميَّة، وطباعة الكتب وتوزيع المصَاحف، وتقديم المنح الدرَاسيَّة، وإعطاء مرتّبات للأئمة والدعَاة ومعلمي القرآن.